تشرح أنشال فوهرا في هذا التقرير أن الاتحاد الأوروبي يستضيف مؤتمرًا للمانحين في بروكسل بهدف دعم إعادة إعمار غزة والحفاظ على دور السلطة الفلسطينية بوصفها الجهة المرشحة لإدارة شؤون القطاع مستقبلًا، حيث يشارك نحو 60 وفدًا بينها وفود عربية، مع حضور مرتقب لرئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى الذي يسعى المانحون لمعرفة آخر مستجدات الإصلاحات المنفذة وما ينتظر التنفيذ قبل التعهد بأي تمويل جديد.
في الفقرة التالية يظهر مصدر التقرير، دويتشه فيله، بوصفه منصة ترصد تحركات الاتحاد الأوروبي الذي يعد أكبر مزود للمساعدات للفلسطينيين، ويربط صرف جزء كبير من حزمة دعم تبلغ 1.6 مليار يورو للفترة بين 2025 و2027 بإصلاحات بنيوية تشمل التعليم وضبط المخصصات المالية لعائلات الفلسطينيين المعتقلين لدى القوات الإسرائيلية.
إصلاحات شرط للتمويل الأوروبي
يصر الاتحاد الأوروبي على أن تسبق الإصلاحات أي تحويلات مالية إضافية، حيث يشدد متحدثون رسميون على ضرورة تعديل سياسات تعليمية ومراجعة برامج الرعاية الاجتماعية التي تثير جدلًا سياسيًا واسعًا. يربط المانحون الدعم بإجراءات تعزز الشفافية والمساءلة، بينما تتابع القيادة الفلسطينية جهودها لإقناع الشركاء الأوروبيين بجدية هذه الخطوات.
يرافق مؤتمر المانحين اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي لبحث مساهمات الدول الأعضاء في دعم أمن غزة واستقرارها، بما في ذلك المشاركة في قوة الاستقرار الدولية التي يقترحها اتفاق وقف إطلاق النار الذي تدعمه الولايات المتحدة. يناقش الوزراء خطة لتوسيع برامج تدريب الشرطة الفلسطينية، حيث يفكر الاتحاد في إعداد ما يصل إلى ثلاثة آلاف ضابط يمكن نشرهم لاحقًا في غزة، وقد أعربت فرنسا عن استعدادها لهذا الدور.
مستقبل غزة بين السلطات والقوى المسيطرة
توضح تحليلات خبراء أن نشر القوات الفلسطينية المدربة في غزة يظل مرهونًا بتغيير الجهة التي تدير القطاع، إذ تسيطر حماس على نحو 47% من مساحة غزة بينما تحتفظ القوات الإسرائيلية بقرابة 53% ضمن خطوط فصل تعرف بـ“الخط الأصفر”. يشير ذلك الواقع إلى أن إعادة الإعمار تواجه قيودًا حادة، حيث يحجم المانحون عن تمويل مشاريع في مناطق تخضع لسيطرة حماس.
يرى مراقبون أن الأموال الأوروبية قد تتجه أولًا إلى مناطق تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، رغم أن غالبية سكان غزة يعيشون خارج هذه المناطق. يعكس هذا التوجه مفارقة سياسية وإنسانية، حيث تتقاطع حسابات الاستقرار مع الاحتياجات الفعلية للسكان الذين يعانون تبعات الحرب والانقسام الجغرافي.
الديمقراطية المؤجلة ورهانات أوروبا
تتصدر الإصلاحات جدول أعمال المانحين، إذ يشمل النقاش مراجعة المناهج الدراسية التي تتهمها إسرائيل بالتحريض على العنف، بينما تنفي السلطة الفلسطينية ذلك وتؤكد أن مناهجها تعكس الهوية والتاريخ تحت الاحتلال. يشهد هذا الملف سجلات دبلوماسية بين دول أوروبية وإسرائيل، حيث تتعهد السلطة بإجراءات تصحيحية تشمل إلغاء نظام المخصصات المرتبط بالاعتقال وتحويله إلى معايير اجتماعية قائمة على الحاجة.
ينقل التقرير تعهد الرئيس محمود عباس بإجراء انتخابات خلال عام من انتهاء الحرب في غزة، إلا أن الاتحاد الأوروبي لا يضع الانتخابات ضمن شروطه الأساسية لصرف المساعدات، مدفوعًا بمخاوف من فوز محتمل لحماس يعيد سيناريو عام 2006. يصف خبراء هذا الموقف بأنه دعم براجماتي للسلطة باعتبارها البديل السياسي المتاح، حتى لو جاء ذلك على حساب إصلاحات ديمقراطية أعمق.
تواصل أوروبا إرسال بعثات دبلوماسية إلى مراكز التنسيق المدني العسكري في جنوب إسرائيل للتخطيط لمرحلة ما بعد الحرب، مع غياب ممثلين فلسطينيين أو منظمات مجتمع مدني عن هذه المشاورات. يعكس هذا الغياب تحديًا إضافيًا أمام تحقيق تسوية شاملة تعيد الثقة بين الأطراف المعنية وتضع مسارًا مستدامًا لإعادة الإعمار والسلام.
بهذه الصورة، يرسم التقرير ملامح سياسة أوروبية تمزج بين الدعم المشروط والإصلاحات الصارمة، في محاولة للإبقاء على السلطة الفلسطينية فاعلًا رئيسيًا في مستقبل غزة، وسط بيئة سياسية متشابكة تتطلب توازنًا دقيقًا بين الاستقرار والشرعية والتمثيل الحقيقي للشعب الفلسطيني.
https://www.dw.com/en/europe-ties-palestinian-authority-aid-to-reforms/a-74793882

